البيت الذي تحوّل إلى سجن: أطفال القد...
تُعدّ سياسة الحبس المنزلي التي يفرضها الاحتلال على الأطفال المقدسيين من أشدّ أشكال العقاب...
رغم أن الأبواب لم تغلق بعد على أحكامهم إلا أن مصائرهم مرسومة سلفا في غرف التحقيق، وزنازين العزل ،والسجون، والمعتقلات.
إنهم الأسرى الفلسطينيون الموقوفون في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين لم تصدر بحقهم أحكام بعد، لكن النيابة العسكرية تطالب لهم بالمؤبد، وبعضهم بعشرات المؤبدات في محاكمات توصف بأنها شكلية لا تعرف العدالة.
خلف تلك الملفات الجافة تقف وجوه شابة أنهكها القمع والتنكيل، لكنها ما زالت تحفظ الأمل والقرآن في قلب الظلمة.
بلغ عدد الأسرى الموقوفين في سجون الاحتلال والمتوقع أن تصدر بحقهم أحكام بالسجن المؤبد مدى الحياة نحو 37أسيرا، يعيش هؤلاء بين جدران مغلقة لا يعرفون متى ينطق بحقهم الحكم لكنهم يدركون أن الاحتلال قد رسم مصائرهم مسبقا في غرف التحقيق والعزل.
وإليكم بعضا من هؤلاء الأسرى، رصدتهم "مؤسسة العهد الدولية" من خلال الحديث مع ذويهم والاستماع لقلوبهم التي تنبض خلف الجدران أكثر مما تنبض خارجها.
عبد الله يحيى مساد.. حفظ القرآن في زنزانة القمع
من جنين يروي وجع الأسير عبد الله يحيى مساد المعتقل منذ 26 أغسطس 2023. لم يصدر بحقه حكم حتى الآن لكن سلطات الاحتلال تطالب له بـمؤبدين بزعم مشاركته في عملية حوارة برفقة الأسير أسامة بني فضل.
يقبع عبد الله في سجن نفحة الصحراوي، حيث تعرض مرارا لعمليات قمع نفذتها وحدات السجون المختلفة في بيئة قاسية تتعمد إذلال الأسرى. ورغم كل ذلك، استطاع أن يتم حفظ القرآن الكريم كاملا داخل السجن في فعل مقاومة روحية يوازي معركة الإرادة.
بعد ستة أشهر من اعتقاله أقدم الاحتلال على هدم منزل عائلته في جنين ليكمل دائرة العقاب الجماعي بحق الأسرة.
باسل شحادة.. طالب الشريعة المحكوم مسبقا قبل النطق بالحكم
أما الأسير باسل محمد أحمد شحادة من مواليد عام 2004، فقد اعتقل فجر 21 يونيو 2023 عقب عملية "عيلي"، حين اقتحمت قوات خاصة منزل عائلته وفجرته بالكامل.
مكث باسل شهرين في التحقيق القاسي ووجهت له النيابة تهما تصل عقوبتها إلى أربعة مؤبدات وستين عاما.
تقول والدته بحرقة: "كان هادي، ويدرس الشريعة الإسلامية في جامعة القدس المفتوحة.. واليوم صار محكوم مسبقا قبل حتى ما ينطق القاضي بالحكم".
يقضي باسل أيامه في سجن مجدو، يعاني من أمراض جلدية ودمامل مؤلمة ونقص حاد في الوزن شأنه شأن كثير من الأسرى الذين يفتك بهم الإهمال الطبي المتعمد.
محمود مطيع سليط.. القائد الجريح الذي ينتظر 15 مؤبدا
في مخيم طولكرم، ولد الأسير محمود مطيع محمود سليط في اليوم الذي استشهد فيه القائد القسامي محمود أبو هنود، أحد أبرز المطاردين في مدينة نابلس، فسماه والداه تيمنا به تخليدا لاسمه ومسيرته.
قاد محمود خلال فترة مطاردته القصيرة كتيبة مخيم طولكرم في صفوف كتائب القسام، ونفّذ عملية بيت ليد وبلعا التي أعلن الاحتلال أنها أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين.
بعد ثلاثة أشهر من المطاردة، اعتقلته وحدة خاصة بعدما أطلقت عليه رصاصتين من مسافة صفر، ثم خضع لتحقيقٍ قاسٍ استمر 75 يوما دون أن تعرف عائلته عنه شيئا.
في تلك الأيام، استشهد شقيقه محمد، وقيل إن المحققين جعلوا محمود يشاهد صور استشهاده أمامهم كوسيلة ضغط نفسي.
النيابة تطالب له بـ 15 حكما بالمؤبد، ولا تسمح له بزيارة محام منذ أشهر بسبب الضائقة المالية التي تمر بها العائلة بعد قطع رواتب الشهداء والأسرى.
يعاني محمود اليوم من شلل جزئي في قدمه لا يستطيع ثنيها أو تحريكها، وأصيب مرارا بمرض السكابيوس (الجرب) نتيجة الإهمال الطبي وسوء الظروف.
تقول عائلته إن الاحتلال هدم منزلين للأسرة في 8 يناير 2025 على خلفية العملية، ورغم كل ذلك ما زال محمود يكتب رسائل الأمل ويحدث الأسرى بأنه سيخرج في الصفقة القادمة، وأنه "سيتزوج وينجب ولدا يسميه محمد ليعيد للبيت صوت الحياة بعد الغياب."
محمد شحرور.. وجه غائب وصبر حاضر
الأسير محمد شحرور من طولكرم، اعتقل في 9 فبراير 2024، وتعرّض لتحقيق قاس في مركز الجلمة قبل نقله إلى سجن مجدو، ومن ثم إلى سجن نفحة.
هدم الاحتلال منزله عقب اعتقاله، وتطالب له النيابة بحكم المؤبد.
تقول والدته بأسى: "منذ سنة وثمانية أشهر لا زيارات، لا نعرف عنه شيئا إلا من الأسرى المحررين. أظنه تغير، صار ضعيف البنية، لكن صوته كما هو يكتب لنا أن نصبر، وأن الفرج قريب".
محاكم شكلية.. وأحكام جاهزة
تؤكد مؤسسة العهد الدولية أن محاكم الاحتلال باتت أداة تنفيذية للأجهزة الأمنية والعسكرية، وأن الموقوفين الفلسطينيين يخضعون لمحاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة، ويستخدم الاعتقال الإداري أو التوقيف الطويل وسيلة للعقاب المسبق. النيابة العسكرية لا تتردد في المطالبة بـ "المؤبدات الجاهزة"، حتى قبل استكمال التحقيق أو عرض الأدلة في سياسة تهدف إلى كسر الإرادة وتصفية المقاومة معنويا.
وتحذر مؤسسة العهد الدولية من أن هؤلاء الأسرى الموقوفين الذين تطالب لهم النيابة بالمؤبد يقفون اليوم على حافة خطر مضاعف بعد إقرار الاحتلال مؤخرا قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
وترى المؤسسة أن هذا القانون يشكل سابقة خطيرة في انتهاك الحق في الحياة ويمثل امتدادا لسياسة الإعدام البطيء التي تمارس عبر التعذيب والإهمال الطبي مؤكدة أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل لحماية الأسرى من جرائم الإبادة القانونية التي يسعى الاحتلال إلى شرعنتها.
ورغم كل ما يتعرض له هؤلاء الأسرى من قمع وتعذيب وإهمال طبي وهدم للمنازل وقطع للأرزاق، فإن قصصهم لا تروى فقط بلغة الألم وإنما بلغة الإيمان والعزيمة.
يحفظون القرآن، ويرسلون رسائل الصبر، ويقاومون العتمة باليقين، منتظرين فجرا لا بد أن يأتي.
أيمن الشرباتي.. المواطن الذي لم تهزمه الزنازين
21 نوفمبر 2025
الأسير أمجد عبيدي يودّعه نور وجه أمه، ويتركه لعتمة...
20 نوفمبر 2025
أسرى على حافة المؤبّد… وجوهٌ تجرّحها المحاكم وتضمّ...
17 نوفمبر 2025
يحيى الحاج حمد… المؤبد الذي يكتب الشعر من وراء الج...
13 نوفمبر 2025
أيمن سدر.. ثلاثون عامًا من الأسر وذاكرة الوطن التي...
12 نوفمبر 2025
الحرية المؤجلة: أمّ معاذ... حين يصبح الصبر موروثًا...
10 نوفمبر 2025
تُعدّ سياسة الحبس المنزلي التي يفرضها الاحتلال على الأطفال المقدسيين من أشدّ أشكال العقاب...
شهد المشهد القانوني الإسرائيلي، في مرحلة ما بعد حرب الإبادة على قطاع غزة، تصعيدًا تشريعيًا...
خرجوا بأقدام مبتورة، بعيون مطفأة، بذاكرة مثخنة بالعذاب، يحكون ما لا تجرؤ الكاميرات على الت...