تفاصيــل الخبـر

الأسيرة كرم موسى، تحارب الدامون ببراءة الأحفاد

صباح يوم عادي، فتحت أم مجاهد عينيها لتجد نفسها في غرفة مظلمة رطبة، تحمل الرقم ٧، للحظة، كانت على وشك الصراخ، ما هذا المكان؟ وما الذي جاء بي هنا؟ لكنها سرعان ما تذكرت أن هذا المكان الموحش القذر هو بيتها منذ ستة أشهر، وأن هذا هو الواقع المرير للمعلمة المتقاعدة كرم موسى: أسيرة زنزانة في سجن الدامون..

أربعة أضعاف الشوق، مرتين

تركت أم مجاهد خلفها مدينة حزينة، وعائلة مكلومة، وانتقلت من قمم نابلس التي تعانق السماء والهواء، إلى ضيق سجن الاحتلال البغيض، وتركت وراءها غصة القلب: أربعة من الأبناء، وأربعة من الأحفاد، لكل منهم شوق، وكل شوق يجرّ أخاه، وتتضاعف الأشواق، وبقلب أم حانية، وجدة رؤوم، وثماني وعشرين سنة من تدريس الرياضيات، تعرف أم مجاهد جيداً كيف تحسب الأشواق.

يوميات الأحفاد

كانت كرم موسى، تفتح صفحات ذكرياتها، وهي تكلم المحامي الذي قام بزيارتها، وتقول إنها وعدت أحفادها قبل اعتقالها بقضاء أجمل ليلة، ثم تسأله عن كل شخص بالتحديد، وتلمع عيناها وهي تسمع كيف لا تزال كندة هادئة كنسمة، وكيف أتقنت زين ركوب الدراجة، وكيف تركض سالي نحو الهاتف كلما رنّ في انتظار مكالمة منها، أما مسك فقد بدأت تحبو وتستند إلى الأريكة، وأصبح لديها ثمانية أسنان.

ليلة قارسة البرودة

اعتُقلت كرم منتصف الليل في 25 فبراير، في أكثر الأوقات برودة، حين اقتحم منزلها قرابة سبعين جنديا، قاموا بتخريب كل ما تمكنت أيديهم من الوصول إليه، من أشياء، وأشخاص! ومنذ تلك الليلة لم تشعر أم مجاهد بالدفء أبداً.

عذاب الدامون

في مكان لا يصلح للحياة الآدمية، تقضي أم مجاهد برفقة الأسيرات أياماً مؤلمة، نظافة منعدمة، ومياه ملوثة، حالات متكررة من المغص والإسهال، والتهابات الجلد، كل ذلك بلا صابون كافٍ، ودخول الحمام مرة واحدة يومياً، وسط استهزاء السجانين.

أما الطعام، فردئ الجودة، والنوعية؛ فالخبز قليل، والخضار نادرة، والبيض يتكرر دائماً بلا بديل تقريباً، مما أظهر لدى كرم نسبة عالية من الدهون في الدم، عندما أجريت لها الفحوصات، في حين تعاني الحوامل من رداءة وضآلة الكميات، فتتقاسم باقي الأسيرات معهن وجباتهن الضئيلة.

الاختناق حقيقة ومعنى

في غرفة السجن، تغلق المنافذ على كل شيء، حتى الهواء، لا فسحة للتنفس إلا من خلال 15 ثقباً بحجم المسمار، ولا تفتح الأبواب سوى بالعنف والإرهاب كل فترة في الإجراءات القمعية، التي يمارس فيها السجانون كل أدوات الإذلال، وتذكر كرم حادثة قاموا فيها باعتقال "جلباب"، فأخذه السجان، وراح يرقص به في الساحة! فضلاً عن أن المداهمة تتم ليلاً، فتضطر الأسيرات للنوم بملابس الصلاة، رغم الحرّ.

أُنس وأمل

رغم كل شيء، لا تزال لدى كرم (أم مجاهد)، بقية من أمل، وبعض الفرح المتسلل من أخبار الأحبة، تبتهج بخبر تخرّج ابنها ساجد من جامعة النجاح، وقد أهدى مشروعه لأمه التي غابت حاضرة، وتنتعش لركض زين، وخطوة مسك، وغناء سالي، تبكي شوقها لوالدتها وهي تأمل أن تحرر وتراها وهي بخير، وتحلم بلقاء قد يكون قريباً كفجر قادم.

أخبار مشابهة