
بسام السعدي.. أسير يقاوم خلف القضبان...
تعرض الشيخ بسام للاعتقال لأكثر من 18 عاماً مجتمعة في سجون الاحتلال، كانت غالبها اعتقالات إ...
في فلسطين ، لا تقتصر انتهاكات الاحتلال واعتداءاته على مصادرة الأرض وهدم المنازل ، بل تمتد لتطال الأطفال والطلاب في مقاعد الدراسة ، فمئات الطلاب الفلسطينيين يجدون أنفسهم فجأة خلف القضبان، يُنتزعون من دفاترهم وحقائبهم المدرسية ليواجهوا التحقيق والعزل والحرمان من التعليم.
منذ العدوان الأخير على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 ، أصبح لافتاً التصاعد في أعداد الطلاب الفلسطينيين المعتقلين حيث بلغ عددهم 1085 معظمهم من مدينة القدس إضافة الى مدن الضفة الغربية ، مع ملاحظة الاستهداف الممنهج للمعلمين والمدارس حيث الاقتحامات المتكررة والترويع لطلاب المدارس ، وبات التعليم الذي يُفترض أن يكون حقاً أساسياً لكل طفل، يُحوَّل إلى درسٍ مؤجل ، ومقاعد فارغة تنتظر عودة أصحابها ، القابعين خلف قضبان الزنازين في تجاهل واضح ومتعمد لأدنى حقوقهم وحاجاتهم الإنسانية .
بحسب احصائيات مؤسسات الأسرى الفلسطينية ، وصل عدد الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال إلى نحو 450 طفلاً معتقلاً تقل أعمارهم عن 18 عاماً ، منهم147 طفلاً ، أيّ (41%)رهن الاعتقال الإداري بلا لائحة اتهام وفق بيانات مصلحة السجون الإسرائيلية التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين ، كما تشير التقارير الحقوقية إلى أنّ نحو 1200 طفل فلسطيني تم اعتقالهم في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023 .
غير أنّ الاعتقال في سجون الاحتلال لا يُعتبر السبب الوحيد الذي يمنع العشرات من طلاب المدارس من الالتحاق بالعام الدراسي وخاصة في مدينة القدس ، إنّما هناك الاعتقال داخل المنازل وهو ما يعرف بسياسة "الحبس المنزلي" التي تستهدف الأطفال المقدسيين بشكل خاص وكانت سبباً في غياب الكثير من الطلاب عن مقاعدهم الدراسية ، حيث أصدرت سلطات الاحتلال خلال العام 2024 فقط ما يزيد عن (300) قرار حبس منزلي لفترات مختلفة، بحق مقدسيين غالبيتهم من الأطفال القاصرين، بعضهم أنهي فترة حبسه بينما العشرات لا زالوا يخضعون للحبس المنزلي حتى الآن.
و الحبس المنزلي هو احتجاز الطفل في منزله بشكل قصرى بعد الإفراج عنه عقب اعتقاله لفترة محددة غالبًا ما تكون قصيرة، بحيث يوقع الأهل على تعهد بعد خروج ابنهم من المنزل طوال فترة الحبس ولا يسمح له بالذهاب إلى المدرسة أو زيارة أقاربه أو اللعب مع أقرانه قرب منزله .
الواقع العام لاعتقال الطلاب الفلسطينيين
اعتقال طلاب المدارس لم يعد حالة فردية، بل تحوّل إلى سياسة ممنهجة يمارسها الاحتلال بشكل يومي ، فالطلاب يُستهدفون في طريقهم إلى مدارسهم، أو أثناء عودتهم منها، وأحيانًا من داخل صفوفهم أو منازلهم في ساعات الفجر، و هذا النمط المتكرر من الاعتقالات يعكس نية واضحة لتقويض العملية التعليمية ، وزرع الخوف في نفوس الأطفال وأسرهم.
و يشكل الأسير الموقوف محمد درويش ( 15 عاماً ) نموذجاً لاعتقال الطفولة ، لتكرار اعتقال الاحتلال له والاعتداءات الممنهحة بحقه من ضرب وإبعاد وحبس منزلي، الأسير درويش كان تحرر بتاريخ 17/5/2025 ، من اعتقاله الأخير الذي وصلت مدته ل7 أشهر، وقد بدأ الاحتلال باعتقاله حين كان بعمر ال12 عاماً فقط ، وبتاريخ 24/11/2023 ، سلم نفسه للاحتلال بعد 5 أشهر أمضاها رهن الحبس المنزلي، كما وأبعد عام 2024 ، عن منزله في العيساوية .
الآثار التعليمية لاعتقال الطلاب
يترك الاعتقال بصمته القاسية على المسيرة التعليمية للطلاب المعتقلين ، حيث يتحول الصف الدراسي إلى زنزانة ضيقة ، وتستبدل الكتب بالقيود الحديدية ، والكثير من الطلاب المعتقلين يفقدون عامًا دراسيًا كاملًا أو أكثر، بينما يضطر آخرون إلى إعادة صفوفهم بسبب الانقطاع الطويل عن الدراسة.
في تصريحات سابقة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية ، أكدت الوزارة في عدة مناسبات أن الاعتقالات المستمرة للطلاب تشكل تهديدًا مباشرًا للعملية التعليمية وتؤثر سلبًا على مستقبل الأجيال الفلسطينية.
وفي تقريرٍ أصدرته الوزارة في 25 يونيو 2025، أفادت فيه أن الاعتقالات طالت 361 طالبًا في الضفة الغربية و399 طالبًا في قطاع غزة ، مما يوضح استهداف ممنهج للطلاب الفلسطينيين .
المعلم والباحث في شؤون الأسرى الأستاذ ثامر سباعنه أوضح لمؤسسة العهد الدولية ، أوضح أنّ حرمان الطفل من التعليم أثناء فترة الاعتقال لا يقتصر على انقطاعه عن المدرسة والصف الدراسي، بل يتعدى ذلك ليترك فجوة عميقة في مسيرته التعليمية والتربويه والنفسية ، حيث يفقد تراكم المعرفة، وتتشتت قدراته الذهنية، ويعيش حالة من الانقطاع عن أجواء التعلم الطبيعية.
كما أشار الأستاذ سباعنه أنّ الاعتقال يزرع الخوف والقلق داخل الطفل، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية قد تحد من رغبته في العودة إلى المدرسة بعد الإفراج، وهذا يساهم في ارتفاع نسب التسرب المدرسي وفقدان الأمل بالمستقبل الأكاديمي، وهو ما يخدم هدف الاحتلال في ضرب جيل كامل وحرمانه من أدوات النهوض والمعرفة ويُفقد الفلسطيني القدره على التغيير والبناء والإعداد .
الآثار النفسية والاجتماعية
لا يقتصر أثر الاعتقال على الجانب التعليمي وحده ، بل يمتد ليُشكّل جراحًا نفسية واجتماعية عميقة لدى الطلاب المعتقلين ، فالطفل الذي يُنتزع من بيته أو مدرسته ويُزج في الزنازين، يتعرض لتجربة صادمة قد تلازمه سنوات طويلة بعد الإفراج عنه.
و يلعب "السجن" دورًا في زيادة الضغط النفسي، إذ يُنظر أحيانًا إلى الطالب المعتقل كحالة خاصة مختلفة عن الآخرين ، و هذا يضعف فرصه في العودة إلى حياة طبيعية ، ويجعل المجتمع المدرسي والعائلي أمام مسؤولية مضاعفة لاحتوائه وإعادة دمجه.
في حديثهم لمؤسسة العهد الدولية ، أشار عدد من أهالي الأطفال المعتقلين إلى صعوبة الظروف التي يعيشها أبنائهم وتأثير هذه الظروف على نفسياتهم ومعنوياتهم ، تقول والدة الأسير الشبل جمال وحيد زقزاق من زبوبا / مدينة جنين ، أنّ ابنها حُرم من أن يكون بين رفاقه هذا العام في الثانوية العامة وهو الطالب المتفوق والمتميز في دراسته منذ الصف الأول .
الأسير الشبل زقزاق معتقل منذ 3 أشهر وهو الاعتقال الأول له علماً أنه م يتجاوز الـ 16 عشر من عمره وكان قد اعتقل في آخر يوم من دوامه في الصف الأول ثانوي الادبي .
أما الطفل محمد أنور سماره من مدينه الخليل فقد تم اعتقاله مع مجموعة من رفاق مقاعد الدراسة بتاريخ 12/4/2025 ، وحتى اللحظة موقوفين دون محاكمة ، يعانون من ظروف الاعتقال القاسية وضياع الايام الدراسية عليهم .
أما الأسير الشبل جهاد ماهر حجاز من المزرعة الشرقية في مدينة رام الله ، أُعتقل بتاريخ 16/2/2025
بعد نهاية الفصل الدراسي الأول للصف العاشر ، مما أدى إلى حرمانه من استكمال العام الدراسي وضياع سنة بأكملها بسبب الاعتقال ..
إلى جانب الأطفال المعتقلين ، تُشير شهادات طلاب محررين إلى أنهم عانوا من كوابيس متكررة واضطرابات في النوم، إضافة إلى الشعور الدائم بالخوف والقلق حتى بعد عودتهم إلى منازلهم ، بعضهم يجد صعوبة في الاندماج مجددًا داخل الصف الدراسي، ويشعر بفجوة كبيرة بينه وبين زملائه الذين واصلوا تعليمهم بشكل طبيعي ، كما يعاني الطلاب المعتقلين من تراجع علاقاتهم مع الأصدقاء والأقران بسبب الاعتقال والغياب عنهم لفترات طويلة ، إضافةً إلى شعور عام بالعزلة والوحدة والغربة عن الأهل والأصدقاء .
القوانين الدولية وحق التعليم للأطفال الأسرى
يشكّل حرمان الأطفال الفلسطينيين المعتقلين من استكمال تعليمهم انتهاكًا مباشرًا لحق أصيل كرّسته المواثيق الدولية، ومنها المادة (13/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة (26/1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إضافةً إلى المادة (94) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي ألزمت إدارات السجون في مرحلة سابقة من تمكين المعتقلين من الدراسة وتقديم الامتحانات ، فعلى مدار سنوات تمكّن الأسرى بما فيهم الأطفال من التقدّم لامتحان الثانوية العامة واستكمال دراستهم الجامعية داخل السجون، إلاّ أنّ المشهد تغيّر كليًا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ، حيث فرضت إدارة السجون، بتوجيهات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قيودًا تعسفية حرمت الأسرى بشكل كامل من التعليم، بما يشمل منع تقديم التوجيهي وحرمانهم من المواد التعليمية، في انتهاك ممنهج يهدد مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة عبر استهداف التعليم باعتباره سلاحًا للوعي والصمود.
بسام شحرور: حكاية صمود في زنازين الصمت
4 أكتوبر 2025بسام السعدي.. أسير يقاوم خلف القضبان وعائلة تواصل...
2 أكتوبر 2025من الإعدام البطيء إلى المقصلة العلنية: إسرائيل تشر...
2 أكتوبر 2025الأسيرة المحررة رماء بلوي: وجع الأمومة خلف القضبان
1 أكتوبر 2025الأسيرة كرم موسى، تحارب الدامون ببراءة الأحفاد
29 سبتمبر 2025سجن جلبوع: من القلعة الأمنية إلى مسرح الجريمة المن...
29 سبتمبر 2025تعرض الشيخ بسام للاعتقال لأكثر من 18 عاماً مجتمعة في سجون الاحتلال، كانت غالبها اعتقالات إ...
لم يكن مشروع قانون إعدام الأسرى وليد اللحظة، بل طرح مرارا خلال السنوات الماضية، مما يعكس ت...
عملت مؤسسة العهد الدولية على توثيق شهادات عائلية مباشرة لعدد من الأسرى من أصحاب المؤبدات و...