تفاصيــل الخبـر

الأسيرة بشرى قواريق، العروس التي سُجِنت فرحتها

في السابع والعشرين من يوليو، أي قبل أيام معدودة، كان الموعد المقرّر لفرحة العمر، كانت الدار ستتزين، والأحباب سيجتمعون، والزغاريد ستعلو، كان اللقاء سيجمع قلبين معاً في رباط السعادة الأبدي، وتبدأ حياة أخرى، جديدة، يملأها الحب، وتغمرها المودة، وتظللها السكينة. كان، لكنه لم يحدث!

"بشرى"

 19 ربيعاً هو مجموع سنوات عمر بشرى قواريق، من بلدة عورتا جنوب نابلس، كانت بشرى تعيش أزهى أيامها، وهي تحضرّ لزفافها المرتقب، لم تعرف بعد من الحياة الكثير، فليس في سنوات عمرها الغضة متسع لتجرب كل شيء، لكنها كانت منطلقة، متحمسة، لتحيا الحياة بكل ما فيها من متعة، وقسوة، ودروس، لم تكن تخشى ذلك وقد اطمأنت إلى رفيقها الذي ستقطع الدرب بصحبته..

في نابلس، كانت بشرى قد حفظت أبجديات حب الوطن، وفرضية الانتماء إليه، وكانت تقاسي بين أحضانه ظلم الاحتلال، وثقل القيد، وغصة الأرض السليبة، لكنها كانت تعي تماماً أنه لا بقاء لمحتل، ولا خلود لظالم، ولا فناء لثائر.

شهران بين الحلم والكابوس

في إحدى ليالي شهر مايو، انقضت قوات جيش الاحتلال على منزل بشرى، وبطريقة وحشية داهم الجنود المنزل، وراحوا يصرخون ويخربون ويضربون، وطلبوا من بشرى مرافقتهم للاعتقال، وسط صراخ وترويع، وذهول العائلة المفزوعة، لم يسمح الجنود لبشرى بتغيبر ملابسها، واقتادوها بملابس النوم، ولم يسمحوا لها بإحضار أية أغراض شخصية، أو احتياجات أساسية، وصادروا مقتنياتها الخاصة، واقتادوها إلى مركز تحقيق "هشارون"، ومنذ ذلك المشهد، لم ينته ليل العائلة، الذي حوّل حلم فرحتهم المرتقبة إلى كابوس.

الكابوس

في مركز التحقيق، خضعت بشرة لتفتيش مهين، ترك فيها آثاراً نفسية عميقة، ولم يكن ثمة شيء منطقي في اعتقال واتهام عروس تعيش أحلامها المستقبلية الوردية، لكن المجرم لا يعرف للإنسانية سبباً، ولا يعيش بلا كذب وتنكيل وافتراء، نقلت بشرى إلى سجن "الدامون"، وتقبع فيه حتى الآن في ظروف غير إنسانية، وقالت في رسالة لها من داخل السجن إنها مع زميلاتها يعشن في عزلة عن العالم، بلا فورة، ولا خصوصية، وإن الطعام سيئ، والاحتياجات الشخصية مفقودة، حتى ملابس الصلاة تتم مصادَرتها، وإنهن يتعرضن للتفتيش ليلاً، وتمعن إدارة السجن في إذلالهن.

صبر، شوق وأمل

وسط معاناتها النفسية والجسدية، وضياع فرحة عمرها، بقيت بشرى بقلبها الطيب، وحملت همّ والديها، وبرقّة فتاة تجاوزت سنّ الطفولة بعام واحد، وجهت رسالة مؤثرة إلى والديها، تطمئن عليهما، وتوصيهما بالاهتمام بنفسيهما، وطلبت من والدتها رضاها، وحثّتها على استكمال جلسات غسيل الكلى، وأوصت والدها بأن يحاول الامتناع عن التدخين لسلامته.

وصلت الرسالة إلى قلبي والديها المعذّبين، وبثّت فيهما حزناً جديداً، لكن الأمل الذي تحلّت به بشرى، حمل لهما ال"بشرى"، بفرج، وفرح قريب..

 

أخبار مشابهة